مارينا هريميتش: الترجمة والنشر كجسر ثقافي



كتبت مارينا هريميتش


في ظل التحديات التي فرضتها الحرب، تبرز الدبلوماسية العامة والثقافية كخط دفاع استراتيجي لنقل الحقيقة وكسب التأييد. وتكشف الدكتورة مارينا هريميتش في مقالها الجديد عن الركائز التي اعتمدت عليها سفارة أوكرانيا في لبنان لتعزيز الحضور الثقافي الأوكراني في الفضاء الناطق بالعربية. تشير هريميتش إلى أن النشاط في معارض الكتب، وقد كان بحاجة إلى أساس متين من العمل، إذ أن "عرض الكتب الأوكرانية بلغات غير العربية في الفعاليات العربية هو أمر قليل الجدوى". وتمثل في ضرورة "ملء الأجنحة بأدب أوكراني، وبأسماء أوكرانية مترجمة إلى العربية".

لذلك، بدأت منذ عام 2016 "تعاون مكثف ومنظم مع المترجم والكاتب والصحافي اللبناني المختص بالشؤون الأوكرانية عماد الدين رائف". وقد نفذت أعمال النشر بالشراكة مع "الجالية الأوكرانية في لبنان" و"نادي الخريجين اللبنانيين من الجامعات الأوكرانية"، حيث موّل جزء من المشاريع من قبل وزارة الخارجية الأوكرانية المخصصة لدعم الجاليات الأوكرانية في الخارج. بينما جرى البحث عن رعاة للكتب المتبقية، كان من بين الداعمين القنصل الفخري لأوكرانيا في حلب تامر التونسي.

عملت السفارة خلال المدة، من 2016 إلى 2022، على "وضع خطها الخاص من الأسماء الأوكرانية البارزة للناطقين بالعربية"، من خلال ترجمة الكتب الأوكرانية إلى العربية. وهكذا، دخلت إلى الوسط الثقافي العربي أسماء لامعة مثل: إيفان فرانكو بديوانه الشعري "الأوراق الذابلة"، وليسيا أوكراينكا بمجلدي أعمالها النثرية، وأغاتانغل كريمسكي بـ"قصص بيروتية" وديوانه الشعري "سعف النخيل" التي كتبها في لبنان، وفاسيل غريغوروفيتش-بارسكي برحلته إلى الديار المقدسة في الشرق وزيارته لبنان. كما صدر عام 2022 بالعربية للمترجم رائف عملان محوريان هما: ديوان الشاعر فاسيل ستوس، وأعمال الفيلسوف غريغوري سكوفورودا. وضمن مشروع السيدة الأولى أولينا زيلينسكا، جهزت مجموعات من هذه الكتب وأرسلت إلى المكتبات الرئيسية في جميع الدول العربية.

في إطار السعي لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للمعهد الأوكراني بنشر "الروايات الأوكرانية" عن أوكرانيا، كان التحدي كبيراً في ظل توجه "العالم الناطق بالعربية إلى حد كبير نحو الرواية التاريخية الروسية". فأصبح السلاح المعلوماتي هو إصدار أول كتاب يحكي عن تاريخ أوكرانيا باللغة العربية. وتؤكد هريميتش أن كتاب أولكسندر بالي "الموجز في تاريخ أوكرانيا" يمتاز بكونه "مصوراً جيداً، ويقدم بصيغة علمية شعبية يسهل الوصول إليها، مع قاعدة أدلة جيدة وعرض مقنع للحقائق، وهو ما يناسب تماماً مستوى الاستعداد لدى القارئ العربي المتوسط". وكان هذا المشروع أحد مشاريعها النشرية الشخصية، حيث قدم المؤلف الكتاب في بيروت خلال معرض الكتاب العربي والدولي. وفي زمن الحرب، أصبح هذا الكتاب "الهدية الرئيسية (وبالتالي، مصدراً للمعلومات الصادقة عن أوكرانيا) للصحافيين والسياسيين والموظفين الرسميين والهيئات التعليمية والجمهور العام في العالم العربي ".

تختتم هريميتش بالإشادة بالدور المحوري للمترجم، قائلة: "نقدر عالياً عمل المترجم عماد الدين رائف. بمبادرتي وتقديمي، رشحته السفارة لجائزة دراهومان برايز، فأصبح حائزاً على التكريم الخاص من هيئة تحكيم الجائزة لعام 2021". كما تشير إلى إنجاز آخر تراه في مجال الدبلوماسية الثقافية، وهو "اكتشاف" اسم جديد في مجال الترجمة، هو أوكسانا بروخوروفيتش، التي ترجمت عدة كتب من العربية إلى الأوكرانية، معززة بذلك جسر التبادل الثقافي بين أوكرانيا والعالم العربي.



بقلم: الدكتورة مارينا هريميتش (أكاديمية وباحثة انثروبولوجية وروائية وناشرة، وزوجة السفير الأوكراني السابق في لبنان إيهور أوستاش، 2016-2022)

مصدر النص: مساهمتها المنشورة بعنوان "زوجة سفير أوكرانيا في الجمهورية اللبنانية والدبلوماسية العامة في زمن الحرب" ضمن الكتاب الجماعي "الوجه النسائي للدبلوماسية الأوكرانية: مقالات، ذكريات، مقابلات – الجزء الأول"، الذي حررته إيرينا ماتياش، وصدر عن "دار بوك-دروك" في جيتومير عام 2024.