مارينا هريميتش عن "طبع في بيروت" لجبور الدويهي


أود هنا، مرة أخرى، أن أعرض تعليقي على كتاب نشرته دار "نورا دروك"، وهي دار تفتح نافذة على الشرق الأوسط جنبًا إلى جنب مع داري "أنيتا أنتونينكا" و"دوليبي" للطباعة والنشر. هذا الكتاب "طبع في بيروت" للكاتب اللبناني جبور الدويهي، كانت قد ترجمته إلى الأوكرانية أوكسانا بروخوروفيتش، خريجة معهد علوم اللغة في جامعة تاراس شيفتشينكو الوطنية في كييف، وهي الآن طالبة دراسات عليا في الجامعة الأميركية في بيروت. 
للوهلة الأولى، أبهرني الكتاب، ربما لأنني أعيش في بيروت وأعشق هذه المدينة القديمة، بل ربما لأنني مهووسة بالكتب والآلات الكاتبة وماكينات الطباعة والمطابع الخاصة القديمة وصف الحروف، أو ربما لكوني أعشق القصص الغامضة التي تدور أحداثها في منازل لبنانية قديمة. 
باختصار، أعرض مرة جديدة قراءتي المقتضبة للكتاب: 
"أعيش في الشرق الأدني منذ أربع سنوات، وفي هذا المكان توجد العقدة الغوردية للثقافات والأديان المختلفة وكذلك للمصائر التاريخية، ولسوء الحظ تتجذر فيه المشاكل أيضًا. لذلك غدوت مهتمة جدًا بالانتاج الكتابي الحديث، حيث يمكنك أن تشاهد قطعًا ملونة من المشرق، وهو قسم جغرافي كبير من المنطقة العربية يغطي لبنان وسوريا والأردن وفلسطين. 

وهكذا وصلت إلى رواية الكاتب اللبناني جبور الدويهي "طبع في بيروت". تجري أحداث هذه الرواية في بيروت الحديثة، حيث، كما هي الحال في ثنايا الملابس، يختبئ كل قديم لا يتأثر بمرور الزمن. 

هنا مطبعة خاصة عمرها أكثر من قرن. وعلى الرغم من أن معداتها الطباعية هي الأحدث، إلا أن الحروف العربية القديمة لا تزال تعيش في زواياها، وفي مكان ما لا تزال آلات الطباعة القديمة تتنفس، والتي لا يزال بالإمكان استخدامها لطباعة كتاب وفق تقنية تقليدية باتت اثرية.. تمامًا كما السفن الحربية القديمة التي يجب يتوجب رفعها بونش والوصول إليها بسلالم معدنية. 
في الليل، في المطبعة الواقعة في قبو منزل قديم تملكه عائلة بيروتية عريقة، تتجول شابة جميلة اسمها بيرسيفون، هي زوجة مالك المطبعة. تحب هذه المرأة قراءة العديد من الكتب في الوقت عينه، تجد هذه الكتب مفتوحة ومقلوبة، مستلقية في أرجاء منزلها في كل مكان، فوق الطاولات وعلى الوسائد. 
في المطبعة يعمل كاتب شاب مدققا لغويا، قبل التوجه إلى مكان عمله يختار غصينًا صغيرًا من شجيرة عطرة يفرك ما بين أصابه به، أو يغمس يده فيه، يمسده ويأخذ منه حفنة من زهور اللافندر يدسها في جيبه. 
في هذه البقعة من بيروت القديم تجري أحداث قصة معقدة، ونحن القراء كما المؤلف، تنفتح أمامنا فرصة للتجول في شوارع هذه المدينة القديمة ومتاهات قواعد اللغة العربية، وزوايا وأسرار الطباعة العربية الأثرية، وتجاعيد الخط العربي وأفعوانية العلاقات الإنسانية".