تاتيانا ليبيدينسكا: "رياح اللهب" تهبّ على الشرق العربي

لينينغراد - تاتيانا ليبيدينسكا

يحبُّ العرب عناوين الكتب الجذابة والرامزة. لكن هذا ليس السبب الوحيد وراء اهتمام المشرق العربي بمجموعة قصائد وقصص الكتّاب العرب "رياح اللهب" التي صدرت [ترجمتها الأوكرانية] عام 1983 عن دار "مولوديج" في كييف. انتشر خبر صدور "رياح اللهب" في صحافة جميع الدول العربية تقريبًا. 

كانت صحيفة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية "الرابع عشر من تشرين الأول"، من أوائل المستجيبين. يلخص المقال المطول الموضوع الرئيس للكتاب، الذي يتضمن أعمال شعراء وكتاب من ستة عشر دولة عربية، ويلفت إلى معظم المترجمين، وخاصة الشعراء منهم (وهو ما يحظى بتقدير كبير عند العرب!) وكذلك إلى التوزيع الضخم للإصدار.

يذكر أن هذا الكتاب تهيمن عليه القصائد والقصص المخصصة لنضال الشعب الفلسطيني البطولي. ويلحظ أن الصحيفة وضعت أنشطة المترجمين المعاصرين من اللغة العربية في أوكرانيا في سياق اعتمادهم على الدور الذي لعبه الأكاديمي أغاتانغل كريمسكي في تطور النزعات الشرقية في الأدب الأوكراني، مستذكرة أعماله الأدبية الأصلية حول موضوع اللغة الشرق العربي، بالإضافة إلى ترجماته الأدبية في  الشعر والنثر.

في الحديث عن "رياح اللهب"، لفتت صحيفة "الوطن" الكويتية انتباه القراء إلى ترجمات قصائد وقصص الفائزين بـ"جائزة لينين الدولية لتعزيز السلام بين الأمم" الشاعر الفلسطيني محمود درويش والكاتب المصري عبد الرحمن الخميسي، والفائز بجائزة "لوتس" العالمية الشاعر السوري سليمان العيسى، والروائي الفلسطيني غسان كنفاني الذي استشهد على يد الإرهابيين. كذلك أتت على ذكر الفنان السوري علي خليل الذي شارك في تصميم الكتاب. وهذا هو المثال الأول للتعاون الإبداعي المرتبط بنشر النصوص المترجمة عن الشرق العربي في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية. أرفق المقال بنسخ فوتوغرافية ملونة لرسومات علي خليل التي تسلط الضوء بوضوح على تعبير "رياح اللهب".



كما نشرت صحيفة "صوت الشعب" التي تصدر في العاصمة الأردنية عمان مقالًا كبيرًا عن الكتاب. مما جاء فيه: "لا تعتبر الترجمات من اللغة العربية وإنشاء أعمال أصلية تعتمد على موضوعات عربية شيئًا غير عادي أو عرضي في أوكرانيا. لقد اجتذب الأدب والتاريخ والفن والإثنوغرافيا والثقافة في الدول العربية منذ مدة طويلة اهتمام كل من الشخصيات البارزة في الأدب الأوكراني والقراء". بالانتقال إلى التاريخ، فإن الصحيفة من بين الأعمال الاستشراقية للكتاب الأوكرانيين تسمي قصائد تاراس شيفتشينكو "ماريا"، وبانتاليمون كوليش "محمد وخديجة"، وليسيا أوكرينكا "عائشة ومحمد"، وقصائد ليسيا أوكرينكا نقوش مصرية ومجموعتها "[الربيع في] مصر"، وترجمات بعض حكايات من "ألف ليلة وليلة" للكاتب إيفان فرانكو، و"قصص بيروتية" للكاتب أغاتانغل كريمسكي. إذ يرتبط هذا الاتجاه الاستشراقي بالمسار الزمني للأدب الأوكراني، ويلاحظ أن هذا الاتجاه تطور بشكل ملحوظ في العهد السوفياتي، حيث تنشر أعمال كتّاب الشرق العربي بشكل دوري من قبل دور النشر في كييف مثل "دنيبرو" و"مولوديج" و"رادوغا".

تبدأ مجلة "المدار"، الموزعة في معظم الدول العربية، مقالتها عن "رياح اللهب" بقصيدة لمحمود درويش. وتقول إنه في السنوات الأخيرة وحدها، نُشرت في أوكرانيا رواية سيرة طه حسين الذاتية، وروايات تاريخية لجرجي زيدان، والعديد من مجموعات القصص والحكايات الخرافية والأقوال والأمثال. كما ظهرت أخبار عن الكتاب في صحف سوريا وتونس والجزائر والمغرب. أثر هبوب "رياح اللهب" من كييف على مساحات شاسعة من العالم العربي، من المحيط الهندي شرقًا إلى المحيط الأطلسي غربًا.


المصدر: "رياح اللهب" في الشرق العربي، تاتيانا ليبيدينسكايا/ مجلة "فسيسفيت"، العدد 09، 1987. ص 148.