فاسيل ستوس بالعربية شعرًا

 


حلّ شعر فاسيل ستوس ضيفًا عليّ قبل نحو سنة، فقدمت نبذة عن حياته إلى القارئ العربي  على طريقتي. وقتذاك كنت قد قرأت من أشعاره ما استطعت إليه سبيلا، وغرقت في كمّ كبير مما كتبه ونظمه، أو كُتب عنه وطبع خلال العقود الثلاثة المنصرمة، مما انتشر على المواقع المتخصصة بالأدب أو في الصحافة. 

يجمع الباحثون على أن فاسيل ستوس لم يكن شاعرًا عاديًا، سواء من حيث الموضوعات التي اختارها كمعارض للسلطات السوفياتية، أو التي اختارته قسرًا كونه كان رهين الاعتقال والنفي؛ أو من حيث اللغة، إذ احتاج إلى معجم خاص لتقريبها إلى القارئ . إن كان يسهل التعرف إلى حياة هذا الشاعر فلا يمكن القول نفسه عن تفكيك قصائده، سواء تلك المليئة بالترميز أو الأخرى المشحونة بالانفعالات والمثقلة بالتشابيه والاستعارات، والتي يحفظ كثيرون من الناس أبياتًا منها يذكرونها عند مواجهة صعاب الحياة المختلفة. لذا، تهيّبت الشروع في ترجمة قصائده إلى العربية في البداية، ووجدت أن عليّ قراءة ما ترجم منها إلى لغات أعرفها، بالإضافة إلى الاطلاع على التحليل المنهجي لأدبه في البحوث الجامعية المتاحة، وفي المقالات المنشورة في الدوريات المحكمة، وكانت لهذه القراءات فائدة مباشرة في إعادة صياغة القصائد المترجمة غير مرة بما يساعدنا في الوقوف على مراد الشاعر.  

يحتوي هذا الكتاب على قصائد هي حصيلة ما انتقيته للترجمة، سواء من دواوين ستوس المنشورة أو من مجموعة أعماله . انتقيت في البداية من المجموعات الشعرية: الدوامة (1965)، أشجار الشتاء (1970)، المقبرة المبتهجة (1970)، زمن الإبداع (1972)، طرس (1986). ثم انتقلت إلى مجموعات مختلفة صدرت بعد استقلال أوكرانيا، فأخذت منها نماذج من قصائده، قد يكون بعضها دخل في طبعات من تلك الدواوين. ورأيت أن أقسم الكتاب إلى أربعة فصول مبدّيًا القصائد التي نظمها خلال مدة الاعتقال والنفي، مؤخرًا ما انتقيته من ديوانيه الأولين. 

سعيت ما استطعت إلى التقليل من هامشي الخطأ والسهو في ترجمة أشعار فاسيل ستوس، وقد عملت على هذه المهمّة في مرحلة صعبة يمرّ بها وطننا لبنان، كنت فيها في أمزجة مختلفة، بين الورق وشاشة الهاتف وشاشة الكومبيوتر.. آمل أن أكون قد وفقت إلى إتمامها. وآمل أن أكون قد قدمت إلى المكتبة العربية شاعرًا غيّب اسمه لوقت طويل، وأنا أعتقد أنه يستحق. ويسعدني هنا أن أقدم شكري إلى "معهد الكتاب الأوكراني" الذي دعم الترجمة، وإلى البروفيسور إيهور أوستاش وعقيلته الكاتبة الأكاديمية مارينا هريميتش على دعمهما المستمر، وإلى دار المصور العربي، التي تحمل معي همّ نشر الأدب السلافي في العالم العربي.

عماد الدين رائف (من المترجم)